Posted on

لـو علِمت نساء مجتمعي ماهية هذه الكلمة الحقيقية وأبعادها وتبعيّاتِها لرأينا تسارعاً لإخفائها مـِن قامُوس كلماتهِنّ المستعملة، ولرأينا تشجِيعاً للطبيعة النمطية الَتِي جُبلنا عليها وحثاً عظيماً للإبقاء على طبيعتنا المجتمعية
أذكر تكرارِي لجملة
” انا شخص ذُو كيانٍ فكرِي وجسدي مُستقِل! وليس لأحدٍ الحق في إجباري على شـيءٍ لا أرغبه ”
باءت محاولات والدِي العديدة بإقناعِي تارةً بالنقاش والأخرى بالتجارب بالفشِل الذريع كان يقِف ناظراً لِي نظرة اندهاش عمّا أحمِله داخل جمجمتِي الصغيرة ، أمّا والِدتي فكانِت تولولْ حالها بقولِ
” انتِ أنوثتِك ضاعت في جرّة افكارك الغبية حليلي بنتِي مِش زَيْ البنات ”
لم يَجِد والدِي حلاً لمعضلة قناعاتي سوى أن يدخلني ميدان الاستقلالية الذي أتشدّق بِه حتى ” تعرفِي إن الله حق ” على حد قول أمي ، لابتدأ المسِيرة المستقلة اللعينة في بادئ الأمر عُلّمت القيادة في عمر ال 17 سنة ثم تطوّرت لأمارِس مهام المستقلّات مـِن عمل ودراسة ومسؤوليات كنت سعِيدة ! حد اللّاحد مـِن السعادة بينما مـِن هم حولِي يتربّصون بي بانتظار سقُوطِي وأنا التي لم اعتد يوماً إلا الدلال مـِن والدِي ولم أعلم عن الدنيا شيئاً سوى كنف أبي وكعك أُمِّي، كانِت التساؤلات مـِن حولِي إلى متى سأصمد وبأي الطرق سأنهار، كنت اتعثّر الخُطى واقع أحيانا وفي كُـل مـرّة شكوت الضعف همس لي أبي” أليس هذا ما أردتِي طيلة حياتِك! أرينا شِدّة عودك ” لأعاوِد الوقوف مـِن جديد ، أتى التحدي الأكبر لأختار أعمق مغامرة في حيـاتي ، وُضِعَت في اختبار الاستقلال الأعظم ان أكون مسؤولة كاملة المسؤولية عن نفسي وقرارتي لا حسيب ولّا رقيب سواي ، صمدت لأربع أيام وإذا بِي في خامِسهم انهار باكيةً وانا التّي ما أعتاد عنّي الناس سوى الحزم والملامِح القاسية ، تكوّرت على نفسي لأسبوعٍ كامِل في انتظار عودتِي لِظل أهلي كنت أعد الدقائق والثوانِي حتى ارتمِي في حضن أمّي لأخبرها كم العالم مكان قاسي وكم انا غبية ، استذكرت في تلك الايام كُـل عِراك خضته مع أمّي وهي تحاول ردعِي عمّا عزمت ، كم مـرّة أفهمني والدِي بأن الحياة ليس عالماً وردياً وبأنني لست المرأة الخارقة ، اذكر ارتمائي في حضن صديقة سبقتني في طريق الاستقلالية حتى وصلت آخره كنت أنتحِب كأنّي فارقت الحياة ، قالت لِي ( مرحبـاً بِكْ في عمر العشرينات )
عدت لأعلم أنّ مناشير الفيس بوك التي تشاركتها طيلة حيـاتي حول الاستقلال ماهِي إلا هراء إلكتروني ، وبأن قيادة السيارة مـِن بيتنا للجامعة ليست أمر يَدْعُو للفخر، وأن امتلاكي ل 150 دينارً في حقيبتي لم يعطنِي إيّاهم والدِي لا يمثِّلون مـِن الاستقلال المادّي ذَرَّة، وبأن هرطقتي الفكرية لا تعنِي شيئاً سوى بؤسٍ يلوح في سمائي الوردية، ولكن لم يعد هنالِك طريق للعودة إمّا المُضي قدماً أو الموت وأنا أحاوِل ومن حينها وأنا رماديّة استذكر ورديّتي كُلَّمَا استطعت وأمارس طفولتي كلّما بكِيت، لقد عرفت ان الله حق وبأن ظهري قابل للكسر لُولا سنـد والدِي وأننّي أكبرنِي بعشرِين عاماً آخراً وبأنني جرداء لا أحمل سوى عقلٍ بائس يؤرِقني وكفـى

اترك تعليقاً