Posted on

كفتاة تعيش في شمال إفريقيا وفي وطن شبه عربي تحكمه ديانة الإسلام حسب ما يدعون ويقبع تحت حكم الفرد والسلطة الذكورية الأبًوية المطلقة، أعامل كقطعة أثاث، يسلب حقّـي في التعبير والتفكير والحوار والإدلاء بالرأي، حقوقي لا تتعدا سقف المأكل والمشرب والملبس ومكان جيد أنام فِـيه، كبِرت وأنا أرى أمّي تطيع والدِي وتخنع له رغم انّـه كان يبرحها ضرباً ويكسر الأواني المطبخية على رأسها، اذكر جدتي وهي تزورنا وتخبر أمّي أن تحتمل وتصبر جحيم بيت الزوج ولا جنّة الطلاق، لقد كان أبي عربيداً سكّيراً ذا رائحة فم نتنة ولسان يضاهي عفــن الأرض ببذاءة حديثه، ولكن امي خنعت وأطاعت وصبرت ونقلت لِي تلك الميزة بالجينات مـِن ناحية وبالتلقين مـِن ناحية اخرى، لم تسمح لي أن أرفض أخذ اخي الأصغر منِّي لحصّتي مـِن الكعكة بحجة انّـه اخوك الذكر وهو يملك الحق في كُـل شـي، باتت تحشُوني بأنواع الطاعة والخذلان والخنوع حتى بت أجيدها جميعها، حينما كسر اخي جهازي المحمول بحجة انّـه سمّعني احاكي شاباً صمت ولم أنبث بحرف، وحينما منعني الذهاب للجامعة التزمت الصّمت ايضا، وحينما زوّجت لمن لا اعلمه فقط بحجة انّـه صديق اخّي لازمت نفسي الصّمت، لم اعلم الفن ولا الأدب، لم اذهب يوماً لدار الأوبرا أو أستمع لمقطع لبيتهوفن، لم ارى شيئاً يتعدّى حدود غرفتي سوى المستشفى ان مرِضت والمدرسة حينما كنت طالبة وقبل ان امنع لذّة العلم، تزوجت رجلاً جمِيل المبسم ودُود القلب علّمني العزف على العـود واحضر لي الكتب، صنع لي عالماً جديداً لم اعرفه مـِن قبل لكن العالم أتاني متأخرا، لقد كبرِت وما عادت روحـي تهوى التجديد، بت سُوداء حالكة لا ترى روحـي سوى الإستكان، بتّ اوبخ نفسي عن سنين عمرِي التي أضعتها في كنف أمّي الذليلة وأبي العربيد، لمّـا لم أتمرّد على أبي وامي وأخي؟ لما لم أواجه خطر العائلة والمجتمع والقانون والعالم كِلّه؟ لماذا لم أكافح من أجل اللاشئ وأظفر باللاشئ حرّيتي وعقلي وذاتي ورُوحي ‎هل كان يستحِيل تحقيقها؟ ام انني تشرّبت الجبن حتى إرتوت دمائي به! ‎ام كان من الافضل الخضوع والخنوع وتقبل الأوضاع السيئة تبعا لحياة أقل عنفا وظفراً بحياة اقل كرامة اقل حربا! ظلت أسئلتي تحرق صدري وتوقد عقلِي ناراً، لم أَجِد لها جواباً واحداً يشفيني سوى ان ماحدث قد حدث وانتهى وأصبح واقعاً وانتهى، أكتب رسالتي هذه لكل انثى تمتلك حق الهروب، أهربي مادام الدّرب سالكاً، أطلقِ العنان لقدميك واركضي، انفذي بعقلك بأحلامك بكرامتك، اصنعي لنفسك عالماً يسعدك اصنعي نفسك ولا تسمحي لهم بأخذك منك .

اترك تعليقاً